في اعتقادي أن تحديد العلاقة بين العقيدة والشريعة أمر مهم وضروري لنجاح أي تجمع لمواجهة مشاكل العالم الإثنية منها أو الطائفية أو الدينية بشكل عام.
فالاجتماعات رفيعة المستوى التي تنعقد تحت مسمى تحالف الحضارات عليها – فيما أعتقد- أن تولي مثل هذا الأمر اهتماماً خاصاً حتى في اجتماعاتها القادمة، وأن الأديان هي أحد مكونات الثقافة إضافة إلى أبعاد أخرى.
والثقافة في أحد تعريفاتها هي الجانب غير المادي للحضارة والعنف المسيطر اليوم على العالم نتيجة لجوء البعض إلى العقائد بحدودها الضيقة وغياب ثقافة هذه العقائد لأسباب عديدة وحتى تتضح الصورة أحاول أن أجد الفرق بين العقيدة والثقافة فيما يلي:-
❶ العقيدة ثابتة ولا تتغير فيما الشريعة تؤخذ بالتراكم عبر الزمن.
❷ ما لا تستوعبه العقيدة تستوعبه الشريعة لشموليتها فمرتكبو الكبائر في الإسلام مثلاً تطبق العقيدة عليهم الحدود ولكن الشريعة الإسلامية لا تخرجهم من دائرة الإسلام.
❸ لا يمكن إقامة حوار بين العقائد ولكن يمكن ذلك بين الثقافات.
يتعامل الغرب الذي استوعبت ثقافته أديانه إلى درجة التفريغ مع العالم الإسلامي؛ وكأن الإسلام أصبح ثقافة في عالمه ولا يدرك أنه لا يزال عقيدة ولم يتحول إلى ثقافة إلا في حدود ضيقة وضمن نخب معينة، ولو أدرك مثل هذا الأمر لما اقترب من محظورات تصيب العقائد في مقتل مثل « الرسوم الكاريكاتورية « لو أدرك ذلك فإنني على يقين أنه لن يتجرأ على مثل هذا العمل؛ والدليل على ذلك أن ناشر الصحيفة الدانماركية صرح بأن القصد من ذلك هو اختبار قدرة المسلمين على التحمل وهو بعد ثقافوي، عندما يتحول الدين إلى ثقافة عامة تخف حدة التوترات وتتحول العقيدة من الجمود إلى التحرك ومجاراة الحياة والعصــر.
في اعتقادي أن اجتماعاً مثل اجتماع حوار الحضارات عليه أن يتبنى ليس فقط البعد عن تجريح العقائد وضرورة احترامها، بل والعمل على إخراجها من دوغمائيتها وتحويلها إلى ثقافة عامة إنسانية.
والمعروف أن الإسلام وحده الذى لا يزال يحتفظ بعقيدة صارمة ومحددة ولم تنتقل ثقافته بعد إلى جل أبنائه وشعوبه لأسباب عديدة منها الاستبداد الداخلي، وعنف الخارج.
إن الثقافة الإسلامية لو قدر لها الانتشار والتمكن في الأرض لاستوعبت الداخل بكل أخطائه ونواقصه والخارج بكل اختلافه ومغايرته.
فقيام ثقافة إسلامية صحية تمنع من الارتداد إلى حدية العقيدة وجزئياتها، وكذلك قيام فهم حقيقي لدى الآخر «الغرب» لأوضاع شعوب هذه المنطقة يرتكز أساساً على دراسة لهذه الأوضاع ودفعها نحو التحسن بصورة لا تحبط وتزيد من حنق الشعوب بل وتعتمد على جس نبض الشارع الإسلامي لا نبض القائمين على أمره، لأن الاختلاف بين النبضين شاسع بل ومميت أيضا، كما أن الإشكالية التي يجب مقاربتها أيضاً هي في أن الرد الأمريكي على عنف وتطرف بعض معتنقي العقيدة جاء على شكل تدمير لثقافة المنطقة «اجتياح أفغانستان، واحتلال العراق» مما زاد من تشرنق العقيدة وتصلب أطرافها داخل نفوس أصحابها.